تقنيات الـVAR وتأثيرها على مجريات المباريات

في السنوات الأخيرة، أصبحت تقنيات الـVAR وتأثيرها على مجريات المباريات موضوعًا لا يغيب عن أي نقاش رياضي. فقد غيّرت هذه التقنية الحديثة طريقة تعامل الحكام مع القرارات الحاسمة، وخلقت جدلًا واسعًا بين من يرى فيها ضمانًا للعدالة، وبين من يعتقد أنها أثرت على متعة اللعبة وتلقائيتها.
بصفتي محللًا رياضيًا ومتابعًا دقيقًا للتطورات التكنولوجية في كرة القدم، أقدّم لك تحليلًا شاملًا عن تقنية الـVAR، وكيف أثرت على سير المباريات، نتائجها، وحتى نفسيات اللاعبين والجماهير.
ما هي تقنية الـVAR وكيف تعمل؟
تقنية VAR (Video Assistant Referee) هي نظام يستخدم الفيديو لإعادة مشاهدة اللقطات الجدلية أثناء المباريات، ومساعدة الحكم الرئيسي على اتخاذ القرار الصحيح في أربع حالات رئيسية:
-
الأهداف وشرعيتها
-
ركلات الجزاء
-
البطاقات الحمراء المباشرة
-
حالات الخطأ في تحديد هوية اللاعبين
يعمل الطاقم المسؤول عن الـVAR في غرفة مستقلة، ويراجع اللقطات من زوايا متعددة، ثم يتواصل مع الحكم لإعادة اللقطة أو تأكيد القرار.
متى بدأ استخدام الـVAR ولماذا؟
أُطلقت التجربة رسميًا في كأس العالم للأندية 2016، ثم اعتمدها الفيفا في كأس العالم 2018 في روسيا، وكان ذلك نقطة تحوّل تاريخية في التحكيم.
وقد جاء اعتماد هذه التقنية بسبب الضغوط المتزايدة لتقليل أخطاء التحكيم، التي تسببت سابقًا في خسارة منتخبات وبطولات.
التأثيرات الإيجابية لتقنية الـVAR
رغم الجدل، لا يمكن تجاهل الفوائد التي قدمتها هذه التقنية للمباريات:
-
تقليل عدد الأخطاء التحكيمية الفادحة
-
منح الفرق حقًا عادلًا في الحالات الحاسمة
-
دعم الحكم الرئيسي نفسيًا في اتخاذ القرارات
-
الحد من التمثيل داخل منطقة الجزاء
وبذلك، ساعدت تقنية VAR في تحسين العدالة الكروية وجعل نتائج المباريات أكثر مصداقية.
التأثيرات السلبية للـVAR على متعة اللعبة
لكن، وفي المقابل، لم تخلُ التقنية من السلبيات التي أثارت اعتراضات واسعة بين الجماهير والخبراء:
-
كثرة التوقفات أثناء المباريات
-
التأثير على نسق اللعب وحماسه
-
الاعتماد الزائد على التكنولوجيا بدل القرارات الفورية
-
تفاوت تفسير الحالات بين حكم وآخر رغم الفيديو
وبينما كانت الكرة تُلعب سابقًا بتلقائية، دخلت الآن في دوامة “الانتظار والتأجيل”، ما أثّر على المشاعر والانفعالات في لحظة الهدف أو القرار.
أمثلة شهيرة على تدخل الـVAR في المباريات
لاستيعاب مدى تأثير الـVAR، إليك أبرز الحالات التي غيّرت مصير مباريات:
-
هدف لم يحتسب لفرنسا ضد تونس في مونديال 2022 بعد مراجعة الفيديو
-
طرد كاسيميرو في الدوري الإنجليزي بعد مراجعة لقطة احتكاك
-
احتساب ركلة جزاء مثيرة للجدل لريال مدريد في دوري الأبطال 2019
كلها حالات تُظهر أن تقنيات الـVAR لها تأثير مباشر على مجريات المباريات، سواء من حيث النتيجة أو الروح المعنوية للفرق.
هل الـVAR حسم الجدل نهائيًا؟
رغم هذه التقنية المتقدمة، لا تزال الأخطاء مستمرة.
السبب يعود إلى أن القرار النهائي يظل بشريًا، حيث يفسّر الحكم اللقطة حسب وجهة نظره، حتى بعد مشاهدة الإعادة.
لذلك، فإن العدالة ليست مطلقة، ولكنها أصبحت أكثر دقة مقارنةً بالعقود السابقة. ومع استمرار تطوير النظام، يمكن تقليص هامش الخطأ أكثر مستقبلًا.
الخاتمة:
في النهاية، من الواضح أن تقنيات الـVAR وتأثيرها على مجريات المباريات تمثل تحولًا محوريًا في كرة القدم الحديثة.
فهي ساعدت على تحسين العدالة والحد من الأخطاء المؤثرة، لكنها في الوقت نفسه أثرت على سرعة اللعبة وانسيابها.
ومع ذلك، فإن استخدامها لا غنى عنه في عصر تتطلب فيه الرياضة أعلى معايير الإنصاف والشفافية. ويبقى الأمل في تطوير أكبر للتقنية، مع تدريب الحكام على التفسير الموحد، من أجل الوصول إلى منظومة أكثر دقة وتوازنًا.